رواية: كافينا (الأصوات الأفريقية الشاملة)

 هذا المقال طاله بعض التشوية حينما نشرته مجلة (الجديد)في 1 / 7 / 2022. نعيد نشر النص الأصلي كما كتبه (أ.د. صبري الحيقي).

***

رواية: كافينا (الأصوات الأفريقية الشاملة) 

ل"بوبكر بوريس ديوب" الفائز بحائزة (نيوستاد) الأدبية، للعام 2022.

أ.د. صبري الحيقي

فنان، شاعر، وباحث، متخصص في النقد

***

 جاء في الوصف المختصر لهذه الرواية:

 ((تحكي هذه الرواية المأساوية والمثيرة للتوتر، قصة دولة خيالية في غرب إفريقيا وقعت في أتون الحرب الأهلية. الراوي المحايد وغير البريء، "أشانتي كروما"، هو الرئيس السابق للشرطة السرية، الذي يجد نفسه يعيش مع جثة الديكتاتور، الرجل الذي حكم أمته ذات يوم بقبضة من حديد. من خلال سلسلة من ذكريات الماضي والرسائل التي صاغها الدكتاتور "نزو نيكيما"، يكتشف القراء دور زعيم الظل الفرنسي، "بيير كاستانيدا"، الذي لا يتوقف طموحه المستمر، عن استغلال الموارد الطبيعية للبلاد إلى أقصى الحدود. نظرًا لأن هؤلاء الرجال الأقوياء يستخدمون الآخرين كبيادق في مباراة شطرنج عنيفة في الحياة الواقعية، فإن مقتل "كافينا" البالغة من العمر ست سنوات وسعي والدتها للانتقام هو الذي يؤدي إلى تطور الأحداث وتغييرها.)) 

      الحقيقة أنني كنت قد أجريت حوارا مكثفا مع "بوبكر بوريس ديوب" احتفاء بفوزه ٢٠٢٢ بأهم جائزة أدبية عالمية، بعد جائزة (نوبل) كما يتم تصنيفها. كان الهدف من الحوار، الاحتفاء بكاتب حصل على جائزة يستحقها، كاتب يهتم بقضايا تمس العرب والأسيويين مثلما تمس الأفريقيين، وفيها ما يشكل بعض الإنصاف الذي يغيب عن الكثير من الجوائز الملوثة؛ فقد وصف السويدي "لوكاس بارفوس" جائزة (نوبل) بأنها جائزة مسمومة منذ نشأتها، في 2019، حينما حصل على أهم جائزة ألمانية للأدب، وسألوه عن رأيه في منح "بيتر هاندكه" جائزة (نوبل) رغم مواقفه الإنسانية الملوثة، مثل وقوفه مع دكتاتورية وظلم الزعيم الصربي...، وتشكيكه بالمذابح التي طالت الكثير من البشر، خاصة في البوسنة والهرسك. فرد بوضوح، قائلا: (إن جائزة نوبل مسمومة منذ نشأتها.)

على كل حال أردت في البداية كتابة مقدمة مكثفة لذلك الحوار، مع بعض الإشارات لبعض أعماله، لكن حينما بدأت بقراءة رواية (كافينا)، التي صدرت ترجمة طبعتها الإنجليزية في ٢٠١٦، وجدت نفسي لا أستطيع التوقف، عن القراءة والكتابة عما أقرأ، استغربت الاحتفاء الأكثر والأكبر برواية (مورابي- كتاب العظام) التي تناولت مأساة الإبادة الجماعية في "رواندا" على أهميتها، في حين أن رواية (كافينا) كما أرى أكثر إتقانا وجمالا وتشويقا من سابقتها، وأكثر أهمية أيضا. ولقد وجدت نفسي أمام مادة تستحق النشر مستقلة عن سياق الحوار الذي لا يحتمل هذه المادة. 

***

جاء في مقدمة الطبعة الإنجليزية لهذه الرواية:

((كتب الناقد الكاميروني "مونغو بيتي" (1932-2001)، وهو أحد أبرز الكتاب الأفارقة في القرن العشرين، وكان وناقدًا حادا للآداب الأفريقية، آراؤه غالبًا لاذعة، كتب مقدمة الرواية الأولى ل"بوبكر بوريس ديوب" (زمن تامانجو. الصادرة ١٩٨١) أشاد "بيتي" بـتلك الرواية كونها حافلة بالتجارب الجمالية الجريئة، إضافة إلى ذكائها السياسي، حول حكم ما بعد الاستقلال في إفريقيا. حددت تلك الرواية المشهورة نسق أعماله التالية؛ مسرحيات "ديوب" الثرية والقصص القصيرة وأعماله الديناميكية؛ إنه كاتب غزير الإنتاج يتضمن نتاجه الروايات والسيناريوهات ومجموعات المقالات، حول الكتابة ودور الأدب، والليبرالية الجديدة، والعولمة. لقد ضمنت مقالات الرأي التي نشرها حول الأحداث الجارية مكانته كمفكر مرموق وواحد من أكثر النقاد أصحاب الرؤى الثاقبة، في الشؤون الأفريقية والجغرافيا السياسية العالمية.  في أعماله الروائية والواقعية، يمارس "ديوب" يقظة فكرية بارعة لها جذورها في الخلفية الاجتماعية والثقافية والسياسية التي تمتد عبر السنغال الاستعمارية وما بعد الاستقلال)). 

خلاصة ما جاء في مقدمة الترجمة الإنجليزية لرواية (كافينا)، إنها تتناول ما كان يسميه "بوبكر بوريس ديوب" ما بعد الاستعمار (الفرانك افريقي) مهزلة التحرر، الشكلي، من خلال دولة أفريقية غير محددة كانت تحت الاستعمار الفرنسي، ثم تحررت منه شكليا، والدور الجديد الذي مارسه الاستعمار الفرنسي، في الدول التي ترك استعمارها المباشر، ليقوم باستعمار غير مباشر من خلال صناعة حكاما وأنظمة دكتاتورية، ودعمهم إضافة إلى القواعد العسكرية، وأيضا التدخل المباشر إذا لزم الأمر، كما فعل في أكثر من دولة أفريقية. 

لقد شغل الربع الأول من الرواية بأسلوب مشوق لحظات النهاية لرئيس بلد أفريقي اسمه "نيكيما" في مخبأ سري، وبعض أحداث التوتر العسكري التي سادت البلاد، وهو نوع من التمهيد المحكم والتعريف بالشخصيات.

"كافينا" الطفلة ذات الست سنوات التي اغتصبت وقتلت بشكل وحشي، في طقس أشبه بطقوس السحرة، من قبل أحد أصحاب النفوذ في الدولة.، بدأت الإشارة إليها بوضوح بعد أكثر من ربع الرواية:

((يجب أن أتوقف قليلاً للتفكير أكثر في مقتل كافينا.  هذا هو الحدث الذي ظهر في صميم نهاية حياة "نزو نيكيما".  لقد اتضح اللغز بأكمله.  لقد تفاجأت عندما اكتشفت - من خلال عمليات التنقيب العشوائية حول المنزل الصغير - أن الشيء الوحيد الذي عذب هذا الرجل، الثري المعقد، المخادع والعنيف؛ كان جريمة لم يرتكبها.  كدت أكتب: الجريمة الوحيدة التي لم يرتكبها...، كانت   صحيفة (أوقات الغد) أول صحيفة تنقل قصة فتاة تبلغ من العمر ست سنوات تعرضت للاغتصاب ثم قُتلت بوحشية.  على الرغم من أن اسم الصحيفة (أوقات الغد) لكنها كانت صحيفة أسبوعية.! ووفقًا للمقال، فقد فوجئ القاتل في غابة "جيندال" بينما كان يقطع جسد الضحية وينشره في سبعة أكوام على حصيرة قديمة.  وكما روى لاحقًا في مقابلة معه، لم يتبق لديه سوى كومة إضافية ليصنعها، عندما خرج القرويون من الأدغال وانقضوا عليه، واقتربوا منه من الخلف.  تمكن شركاؤه من الفرار.  في مركز الشرطة، لم يجد الرجل صعوبة في الإدلاء باعتراف.  وأعرب عن أسفه فقط لأنه تم القبض عليه في اللحظة الأخيرة.  وأشار المحققون إلى أن القاتل لم يشعر بأي ندم.  يمكن تلخيص تعليقاته غير المتسقة إلى حد ما على النحو التالي: "إنه غبي جدًا، أليس كذلك؟ فقد قال: كانت بضع ثوان أخرى وكان كل شيء على ما يرام.  أنا حقا غير محظوظ ".  لم يبدو في أي وقت من الأوقات أنه كان مدركًا لخطورة ما فعله.  كان الأمر كما لو أنه غاب عن تسجيل هدف الفوز في الثانية الأخيرة في مباراة.  علاوة على ذلك، على الرغم من أن هذه كانت جريمة شنيعة بشكل واضح، فقد نشرت تلك الصحيفة التفاصيل بشكل أو بآخر بأسلوب غامض.  كان المراسل أكثر تركيزًا على كونه بارعًا أكثر في السبق الصحفي وصياغته، أكثر من تركيزه على نقل الحقائق حول كافينا الصغيرة.  باختصار، سرعان ما تم نسيان كل الحقائق التي أحاطت بهذه القصة. بعد كل شيء، في عالمنا اليوم، يمكن أن يؤدي قتل فتاة صغيرة من أصول متواضعة إلى تحريك النفوس الحساسة لبضعة أيام فقط في أحسن الأحوال.))  

ثم بعد فترة تعمد المسؤولون في الدولة تسهيل فرار من تم القبض عليه وهو يقطع أجزاء الفتاة الضحية، فسرق سيارة من أمام السجن وانطلق بها كالمجنون مما تسبب في عدة حوادث مروعة للناس الآمنين المسالمين، في حين أن من سهلوا له الهرب كانوا قد أعدوا خطة محكمة لقتله، بهدوء، فتم اصطياده برصاصة قناص خفي، وقيد الحادث ضد مجهول.

     يقول رئيس الشرطة السرية (الراوي) أنه لا يستمع إلى الراديو لمعرفة الأحداث، ولكن لمعرفة كيف يتم تشويه الحقائق وتغييرها. إنه شاهد ومشارك على التزييف والفساد والمغالطات التي يحكم بها الحكام المتسلطون على تلك البدان، فتكون النتيجة فشلها وفقرها وصراع المصالح الضيقة التي تزيدها إنهاكا وتزيد من معاناة أهلها.

***

     تبدأ الرواية بأسلوب بوليسي مشوق جدا، من خلال تصوير سقوط وموت حاكم دولة أفريقية، بفعل مؤامرة حاكها صديقه ذو البشرة البيضاء، الذي كان خلف الجريمة الوحشية لاغتصاب وتقطيع طفلة لا تتجاوز ست سنوات؛ إشارة إلى الدور الأجنبي في اغتصاب وتمزيق البلدان المستعمرة، ووصف الحرائق والخراب والقتل الناتج عن ذلك.

تبدأ الرواية في مخبأ سري يلجأ إليه ذلك الحاكم، وهو في لحظاته الأخيرة قبل أن يموت وتتحلل جثته، وتأكلها الديدان ثم تصبح هيكلا عظميا، كان رئيس الشرطة السرية هو الوحيد الذي شاهد الجثة تتعفن وتخرج الديدان من فتحات أنفه وعيونه وفمه، وباقي جسده، وتفوح رائحتها الكريهة، كأن ذلك التجسيد يوازي معرفته بالفساد والفضائح والجرائم التي مارسها المتسلطون على ذلك البلد.

 الراوي الداخلي هو رئيس الشرطة السرية. في فترة "نيكيما". هو  الذي لا يعرف أحد سواه ذلك المخبأ السري. الذي توقع السارد أن الرئيس ربما كان هو بنفسه من قام بتصفية كل من نفذ ذلك المشروع من مهندسين وبناة وعمال، ودفنهم في مكان ما من ذلك المخبأ، حفاظا على سريته، والذي يصل إليه عبر سرداب سري من داخل القصر، الذي يقع بعيدا عنه.

)) نيكيما" ... الحقيقة هي أن العديد من مواطنينا ما زالوا يكرهونه. لدرجة أنهم لم يستطيعوا أن يصدقوا أن نيكيما، قد تغلب عليه الذعر في اللحظة الأخيرة، وفقد غطرسته وأصبح مثل أرنب، وهو يصرخ في رعب (يامّاه). كنت شاهدًا، بفضل دوري كرئيس للشرطة السرية خلال الساعات الأخيرة من حكم "نيكيما")) 

***

تبدأ المشكلة مع اكتشاف جريمة قتل الطفلة "كافينا" والتي تم تسجيلها من جهة غامضة، بفلم، صور الجريمة كاملة، وصور من تم القبض عليه من خلفه من المنفذين لطقوس الجريمة، وكان من الواضح في النص، أن الجريمة كان خلفها شخصية لها نفوذ قوي في الدولة؛ الأرجح هو المستثمر الأجنبي الذي كان صديقا قديما للرئيس السابق، كان الرئيس وسته اشخاص فقط هم من شاهد شريط الفيديو الذي صور طقوس الجريمة.

كانت تلك الجريمة هي النقطة الفاصلة في تاريخ البلاد، كما قال السارد، في سياق وصف الجريمة، فالرئيس نيكيما أتيحت له فرصة التخلص من ذلك المستثمر الأجنبي الذي يقدم الاستشارات للرؤساء، ويؤثر في تحريك سياسة البلد، من خلال امتلاك دليل الإدانة عليه، (الفلم الذي وثق الجريمة)، لكنه لم يفعل، كان يريده أن يهرب لكي يتم تأميم أمواله واستثماراته، لكن ذلك الخبيث كان يخطط ويعد العدة للانقلاب ويجهز الجيش الذي يرأسه أحد التافهين الذين صنعهم هو، فقد كان رئيس الجيش "موانكي" حارسا ليليا لديه ثم تمت ترقيته بسرعة بدعم منه، ويوم الانقلاب كان يشخر في نوم عميق، لأنه ليلتها كان ساهرا حتى الصباح مع الفتيات  والأفلام الماجنة والخمور، ذلك هو الذي تم تنصيبه رئيسا،  وأصبح حاكما للبلاد.

***

يقول الراوي، في سياق الاسترجاع لأحداث الماضي وتحديدا الاستقلال:

 ((لقد تم تحديد مستقبلنا بالفعل بعيدًا جدًا عن بلادنا وفي غيابنا)).   

  ((أقيم حفل يوم 14 يوليو 1959 في ساحة الكونكورد. "الشيخ أنتا ديوب" ("أنتا ديوب" 1923- 1986، عالم سنغالي موسوعي) غاضب من ذلك كما جاء في أحد كتبه. كل واحد منا صافح الجنرال ديغول، وأعطانا علمًا صغيرًا، وقال شيئًا كهذا: "أيها الرجال الأعزاء، أسلم لكم أرضكم في حالة جيدة. اعتنوا بها جيدا. وداعا ونراكم قريبا ". هل يتذمر العبيد فقط بشكل مشتت للانتباه حول نهاية قرون من القسوة؟ لم نكن أغبياء بما يكفي لأخذ هذا الأمر على محمل الجد. في الواقع، في إحساسنا الداخلي، كان هذا خدعة... يعلم الجميع كيف تحدث هذه الأشياء. يفتحون الباب لك، ويقيدون مؤخرتك على كرسي بذراعين ناعمين لرئيس أسود، ثم يغلقون الباب خلفك على الفور. من الواضح أنك دمية. أنت الآن لست على علم بأي شيء. إذا كنت محظوظًا بما يكفي، لكي تستمتع بالويسكي، وجوز الكولا، والأفلام الإباحية، وكل ما يتماشى معها، مثل ذلك الغبي "موانكي"، فإن أيامك تمر ولا تشعر بمرور الوقت.))  

يستعيد الراوي احداثا قديمة، منذ الاستقلال سنة ١٩٥٩ ثم سنة ١٩٦٣ حينما كانت المعارضة المسلحة تقود حرب عصابات ضد الدولة وتسبب ذلك في قتل الكثير من الناس، (حوالي ثلاثمائة ألف) وكيف توصل رئيس تلك العصابات إلى قناعة بالاستسلام وأرسل رسوله للرئيس يخبره أن الصراع قد انتهى، يقول الراوي أن ذلك المستثمر الأجنبي كان له دوره في اختراق جبهة المعارضة وشراء أفرادها، حتى وصل رئيسها إلى قناعة بالاستسلام.

يقول الراوي: (كانت هناك مذابح واسعة النطاق في بلدان مستعمرة أخرى، مثل ما حدث هنا، مثلما حدث في بلد باميليك. لست مضطرا لإخباركم عن الجزائر. لا ننسى أبدًا: لقد قتل المستعمرون عددًا كبيرا وكثيرا من الناس أثناء خروجهم من إفريقيا مثلما مارسوه من القتل أثناء احتلالهم لها).  وعن نفسه، ورؤية الناس له، يقول ((بالنسبة لهم، ما زلت العقيد الغامض والرائع "أشانتي كروما". هذا هو خطأ الصحف إلى حد كبير. بعد سقوط نظام "كاستانيدا"، اخترعوا جميع أنواع الخرافات لتصوير شخصيتي. لسماعهم وسماع ما يقولون، يبدو أن الشخص الوحيد الذي أطاح بكاستانيدا هو أنا (خادمه المطيع- كما يزعمون). وجدوا قبعته المخططة الشهيرة بجوار جمجمة كاستانيدا.

قالوا: لقد كان خطأ "كاستانيدا". كيف يجرؤ على مواجهة العقيد القوي "أشانتي كروما"! خطأ فادح. ...، العقيد بشبكاته السرية، إنه حقا قوي جدًا. التقى الرجل الأبيض بمن هو أدهى منه، (الطيور على أشكالها تقع). هاه! أن تأتي على التراب الأفريقي وتتظاهر بحكم هذا البلد بتقاليد عريقة من التحدي وادعاء الشرف! يا لها من غطرسة! فقط جبان مثل "موانكي" يمكن أن يقبل أن يكون خادمه. لهذا السبب هرب مثل أرنب في أول فرصة حصل عليها))   

)) لقد أرسل إلي خليفة "موانكي" في الحكم مبعوثين عدة مرات. في كل مرة، يحدث شيء من هذا القبيل: "عقيد، الرجل الأبيض دمر كل شيء. الآن مات وقد حان الوقت لتصويب الأوضاع في البلاد. لا يمكنك البقاء على الهامش. الأمة بحاجة إليك ".

"لا، شكرا."))  

((يتسم رجل الأعمال الفرنسي "كاستانيدا" بوجهين متناقضين بشكل واضح، حيث يأمر بتنفيذ عمليات الإعدام، ويخطط لجلسات تعذيب متقنة، وينتزع ثروات البلاد بلا رحمة، بينما يظهر نفسه أمام الصحفيين الدوليين باعتباره الحارس الأمين لحقوق الإنسان في البلاد.)) 

ملاحظة:

خطر في بالي أثناء قراءة هذا النص الكثير من الأحداث السياسية، التي مرت بها الدول العربية خاصة اليمن. ولعل في هذه الأحداث والتواريخ تشابها نسبيا، مع أحداث سياسية... ليس في الأحداث المباشرة فقط، ولكن في مصادر النص الواقعية والتاريخية، لنسج روايات جديدة متميزة؛ على نمط رواية (كافينا) ل "بوبكر بوريس ديوب"، كل هذا خطر في بالي وأنا أقرأ تلك الرواية الجريئة، الجريئة جدا.

تمنيت لو يقرأ الروائيون اليمنيون والعرب رواية (كافينا) لعلها تشكل حافزا وتنبيها للعديد من الروايات المتميزة.

هل سيملكون الرؤية الفنية لتحويل المصادر الواقعية والتاريخية إلى أعمال فنية روائية خالدة، هل يملكون جرأة وشجاعة ووعي وفكر "بوبكر بوريس ديوب"?!


هوامش:

  - ديوب، بوبكر بوريس، كافينا (الأصوات الأفريقية الشاملة)، مطبعة جامعة انديانا، ٢٠١٦. 

  - https://www.amazon.com/Kaveena-Global-African-Voices-Boubacar/dp/0253020484/ref=mp_s_a_1_3?crid=1H31EC6NSYOA4&keywords=boris+diop&qid=1654967467&sprefix=boris+%2Caps%2C276&sr=8-3

  - المصدر السابق، ص 6-12. ترقيم الصفحات حسب النسخة الالكترونية، وليس حسب ترقيم النسخة الورقية الذي يختلف قليلا. ربما بسبب قارىء الكتب الي استخدمه.

  - أنطر المقدمة، ص 6-12.

  - المصدر السابق، ص 79.

  - المصدر السابق، ص٢٠.

  - المصدر السابق، ص 90.

  - المصدر السابق، ص91.

  - المصدر السابق.

  - المصدر السابق، ص ٣٥٥.

  - المصدر السابق، ص ٣٥٦.

  - https://developmentbookreview.com/2017/03/17/boubacar-boris-diop-kaveena/

●●●

1/12/2023

جزء من رواية:

كافينا (الأصوات الأفريقية الشاملة)

ل"بوبكر بوريس ديوب" الفائز بجائزة (نيوستاد)العالمية للأدب للعام 2022.

ترجمة: أ.د. صبري الحيقي.

توضيح مهم:

     سبق أن كتبت قراءة عامة لرواية (كافينا . الأصوات الأفريقية الشاملة) للمفكر والروائي السنغالي "بوبكر بوريس ديوب" الفائز بجائزة (نيوستاد) العالمية للأدب، 2022. ونشرتها مع حوار مكثف كنت قد أجريته معه بعد كتابة القراءة، احتفاء، بكاتب حصل على جائزة يستحقها، وفيها بعض الإنصاف الذي يغيب عن بعض الجوائز.

     لكن مالم أشر إليه في تلك القراءة، هو أن  مصادر رواية (كافينا) هما مصدران تاريخيان واقعيان، واقعيان في حينهما تاريخيان الآن، فقد كتبت هذه الرواية ابتداء من 2003، ونشرت لأول مرة بالفرنسية 2006. ونشرت الطبعة الإنجليزية 2016.

المصدر الأول: هو بث تلفزيوني لخبر  القبض على "صدام حسين" ولحظات إخراجه من مخبأه، في 2003.

المصدر الثاني: خبر في نفس الفترة في صحيفة سنغالية عن اغتصاب وقتل فتاة تبلغ من العمر ثمانية أعوام، من قبل أحد المتنفذين في الدولة وأحد الفرنسيين من أصحاب النفوذ أيضا.

هذا ما عرفته بعد أن كتبت القراءة للرواية وأرسلتها للنشر.

يقول "ديوب" حينما سألته عن هذه الرواية:

(( قررت أن أكتب  )كافينا) في اليوم الذي رأيت فيه على شاشة التلفزيون اعتقالًا لدكتاتور وحشي معروف جيدًا. كنت أعرف تمامًا ما فعله خلال فترة وجوده في السلطة، لكنه تعرض للإذلال الشديد لدرجة أنني شعرت بالتعاطف معه، لمدة ثانيتين أو ثلاث ثوان، تأثرت بذلك الموقف. هاتان الثانيتان أو الثلاث هما أصل روايتي Kaveena. لكن القصة كاملة ولدت من مقال قرأته في صحيفة سنغالية والذي تناول طقوس قتل فتاة تبلغ من العمر ثمانية أعوام من قبل رجلين نافذين، رجل سنغالي وآخر فرنسي. هذا هو السبب في أن رواية (كافينا) هي رواية عن “الفرانك أفريقي”، هذه الظاهرة السياسية الفريدة تمامًا مما يعني أن دولًا مثل السنغال وساحل العاج والغابون ليست مستقلة حقًا، وأن رؤساءها مجرد أتباع يتلقون أوامر من قصر الإليزيه.)) الجدير بالإشارة، أن المؤلف قد قدم رؤية جديدة للحقائق، ولم ينقلها كما هي. ومن ثم يكون قد  حقق وظيفته مؤلفا مبدعا، وليس ناقلا مكررا.

رواية (كافينا)

لم أفهم ما كانت كلماته الأخيرة؛ ارتعشت شفتاه عندما رآني أدخل عليه. كانت الحركة قصيرة للغاية ، تكاد تكون غير محسوسة. ربما أراد أن يطلب مني أن أغلق الباب، أو أحضر له شرابًا.  أنا متأكد من أنه كان شيئًا عاديًا للغاية. هذا هو الرجل الذي أعرفه جيدًا، لم يكن من النوع الذي يتحدث بأقوال حكيمة يتردد صداها من جيل إلى جيل.  لم يكن يهتم بهذا النوع من الأشياء.  أيضا لا أعتقد أنه قد تعرف علي.  من المرجح أنه قد فقد وعيه قبل عدة أسابيع. أدركت لاحقًا أنه بحلول هذا الوقت لم يعد يتذكر أي شيء.  ولا حتى حقيقة أنه كان رجلاً قوياً، وأن مجرد ذكر اسمه كان يجعل القلوب تتوقف من الخوف.

 أردت أن أغمض عينيه، لكن إحساسي الطبيعي كشرطي أوقفني. الجزء السفلي من جسده مغطى بنسيج مئزر قصير بلون أصفر باهت بخطوط عمودية رمادية عريضة، انحسرت عن خاصرة جسده الذي بدا نحيفا وجلدا مترهلا.  كانت ذراعاه ممدودتان على السرير.  كأنهما بلا فائدة ، كما لو أنهما انفصلتا عن جسده. 

هناك مربع معدني أسود يبدو من تحت الوسادة.  كان مسدسًا آليًا. ( أ 7.65. ) لقد استخدمت منديلًا لألتقطه.  كما توقعت، تم تعبئته بالذخيرة ولكن لم يتم تفريغها.

 ألقيت نظرة أكثر من مرة على الجثة بأكملها.  كان الرجل ممددا على طول الأريكة في غرفة المعيشة ، وكانت قدماه مفتوحتان قليلاً في اتجاه الشارع .  أقول شارع ، لكنه في الحقيقة كان نهاية طريق صغير محشور بين أشجار "الأكاسيا" و"المانجو"، لهذا فهو زقاق يبدو لأول وهلة وكأنه طريق مسدود.  إنه جزء صغير وسري من "جينكوري"، وهو حي هادئ إلى حد ما.  خلال الحرب الأهلية ، التي انتهت قبل أقل من أربعة أشهر، كانت، هذه المنطقة  مشتعلة بشدة بسبب حرص الفصائل المسلحة على السيطرة عليها. - وكان هناك الكثير منهم - مقتنعين بأن السيطرة على "جينكوري" تعني السيطرة على العاصمة كاملة، ومن ثم السيطرة على بقية البلاد.  لهذا السبب كان القتال هنا عنيفًا بشكل خاص ووقعت فيه العديد من الفظائع.

 في البداية قد يبدو من غير المفهوم أن يقرر "نزو نيكيما" اللجوء إلى هذا المكان.  إذا علم أعداؤه ، فإنهم سيقولون أنه ليس لديه خيار.  أفترض أنه لم يكن لديه الوقت للتفكير في الأمر عندما استولت ميليشيات "بيير كاستانيدا" على الرئاسة.  لكنني كنت أشك في صحة الشائعات بأنه تنكر في هيئة عامل إغاثة تابع للصليب الأحمر لكي يفلت من الدمار حينما كانت قذائف الهاون تنهمر على القصر.  هذا يعني أنه لم يجهز نفسه لهذا الوضع. لا شيء من الممكن أن يكون أكثر سوءا: "نيكيما" لقد وجد نفسه على حين غرة مضطرا للهرب. الحقيقة هي أن العديد من مواطنينا ما زالوا يكرهونه.  لدرجة أنهم لم يصدقوا أن "نيكيما"، الذي تغلب عليه الذعر في اللحظة الأخيرة ، قد فقد غطرسته واصبح مثل أرنب، وهو يصرخ في رعب (يا اماه)،  كنت شاهدًا ، بفضل دوري كرئيس للشرطة السرية خلال الساعات الأخيرة من حكم "نيكييما"، ويمكنني أن أشهد على حقيقة أن الأمور لم تكن هكذا. لقد خدعنا "نيكييما" جميعًا بالتسلل  إلى هذا المنزل الصغير للاختباء فيه في "جينكوري".  في نفس الوقت الذي كنا نحاصر الحدود لمنعه من الالتحاق بعائلته في المنفى.  لا بد أنه كان يسخر منا على ذلك.

 فتحت الباب في الخلف إلى غرفة ثانية.  على الحائط إلى اليمين، لفت انتباهي ستارة "بوغولان"، صبغتها باللون الأسود مزيج من الغبار والدخان. كشفت الفتحة العريضة والمظلمة بين لوحين الستارة عن مكان ضعيف الإضاءة.  اتجهت نحوها ، ووقفت في المدخل، أدرت رأسي في كل اتجاه  كان الظلام شبه كامل.  بعد بضع ثوانٍ، كان بإمكاني تقريبًا تحديد مخطط طاولة ممدودة بالطول في منتصف الغرفة.  ظننت أنه ربما كان هناك رجل مسلح يتربص في الظل ، مستعدًا لإطلاق الرصاص من سلاحه على صدري.  في الواقع لم أكن خائفا من ذلك.

 خطر في بالي خاطرا قويا: بأن الحرب لم تنتهِ بالكامل من أذهاننا.

افترقنا عن "البوجولان" وبحثت عن مفتاح الضوء.  قمت بنقره، ولكن الغرفة ظلت مظلمة.  تذكرت أنه منذ عشرة أيام كانت المدينة بدون كهرباء.  لحسن الحظ ، لدي دائمًا مصباح يدوي معي.  في ضوؤه الأصفر ، اكتشفت نوعًا من غرفة التخزين تم تحويلها إلى استوديو للرسم.  اثنان من جدرانه مغطى بلوحات.  كان أحدهم لا يزال على حامل.  على الطاولة الخشبية الخشنة الطويلة - أو بالأحرى الألواح الخشبية المجمعة بشكل غير منتظم - كان هناك عدة علب من الطلاء الملون ، ولفائف من القماش ، وصندوق أدوات صغير.

 كان هذا الفحص السريع كافياً بالنسبة لي.  في اليوم التالي قررت بأن أذهب إلى المنزل والمناطق المحيطة به باستخدام مشط دقيق الأسنان. ربما تكشف غرفة الطعام والمطبخ سر وفاة الرئيس "نيكيما".  لن يكون الأمر سهلاً لأنني خططت لفعل لكل شيء بنفسي.  في الظروف العادية ، كنت قد اتصلت برجالي وأقول مازحا ، "هذا الطائر الصغير هو طعام للديدان."  حسنًا ، ربما لم أكن لأقول ذلك بالضبط ، لكن شيئًا من هذا القبيل.  هذه هي دعابة الشرطي السري لدينا.  العمل الذي نقوم به صعب للغاية.  إن تتبع الأشخاص وقتلهم - مع علمنا أحيانًا بأنهم أبرياء - ليس بالأمر السهل.  نحن بحاجة إلى نكاتنا لإقناع أنفسنا بأن الحياة ليست شيئًا خطيرًا ، وفي النهاية ، القتل أو القتل شيء واحد.  على أي حال ، كان رفاقي سيصلون إلى "جينكوري" دون تأخير. ثم سينضم رؤساءنا إلى الرقص.  لمثل هذا الصيد الضخم ، كان "بيير كاستانيدا" هو الوحيد الذي له رأي مختلف في هذه المسألة.  ليس من المفترض أن أهتم بحالته العاطفية ، لكنني أعتقد أنه لن يكون سعيدًا لمجرد أن "نزو نيكيما" لم يعد على قيد الحياة.

 سوف أنجو من الانزعاج لأنني أريد أن ألعب منفردًا لبعض الوقت.  حان الوقت للانتظار ونرى ما سيحدث.  أخشى من "بيير كاستانيدا" أكثر فأكثر.  لقد أصبح مرتابا جدًا وقد يجد أنه من الغريب أنني وجدت الهارب بنفسي. هذا يبدو سيئا بالنسبة لي.  وإذا قال لي "بيير كاستانيدا" يومًا ما، وهو ينظر مباشرة إلى عينيّ ، "بيني وبينك ، ياعقيد كروما ، هل تعتقد أنه من الممكن أن تجد بالصدفة مخبأ رئيس الدولة الهارب ؟  أنت تعلم جيدًا أن هذا أمر غير معقول "، إذا سألني يومًا ما ، سأترك الأدلة الواقعية جانبًا وأقول له:" لا، سيدي وزير الدولة ، هذا غير ممكن. لا معنى له ".

 أستطيع أن أتخيله يرفع يديه نحو السماء ، متأسفا على ما يبدو. "إذن أخبرني بما حدث يا عزيزي "أسانتي."

 في مثل هذه الموقف، سيكون هناك مخرج واحد بالنسبة لي: الاعتراف بجرائم لم أرتكبها - استراتيجية لتنفيذ انقلاب، أو أي شيء آخر - من أجل التمتع بالحق في الموت بسلام.  أعني أن أموت دون أن أتعرض للتعذيب.  هذه هي قواعد اللعبة وأنا أعرفها جيداً.

 على الجانب الآخر من السرير الذي يستلقي عليه "نزو نيكيما"، يوجد كرسي من الخيزران.  جلست عليها، وذراعي مضمومتان على صدري، ورأسي مائل قليلاً إلى اليسار.  هززت ساقاي ببعضهما البعض برفق بشكل لا شعوري، أولئك الذين يعرفونني جيدًا سيخمنون بسهولة كم كنت متوترا.  بالطبع ، أن أرى هذا الرجل المخيف منذ وقت ليس ببعيد وقد تم اختزاله إلى كتلة صغيرة من اللحم الخامل يجعلني أفكر في غرور العواطف البشرية.  أنا لا أسهب في الحديث عن هذا ، رغم ذلك.  أنا مهتم بشكل خاص بما سأتمكن من فعله بجسد نيكيما.  ليس لدي أي فكرة.  قررت المضي في التحقيق سرًا ، لأي غرض كنت أقوم بخدمته.  ما زلت أريد معرفة المزيد عن الأشهر الأخيرة لنزو نيكيما داخل هذه الجدران الأربعة.

 هذه بالتأكيد قصة تستحق الرواية.  للعيش؟  أفترض ، ولكن ربما بشكل خاص للمستقبل.  لقد أثقلني القدر بهذه المهمة.  سأفعل ذلك بأفضل ما أستطيع.  سأشارك هذه الحكاية عن المشاغبين الصغار والنساء القاتلات وأولئك الذين أصيبوا في الحياة مع من يريد سماعها.  هذا ممتع.  لمرة واحدة ، سأروي القصص بدلاً من حبسها في صدري.  لابد من القول إنه أمر مخيف بعض الشيء بالنسبة لي أيضًا.

 أثناء مغادرتي ، أتأكد من عدم تمكن أحد من رؤيتي.  بمجرد أن خرجت، أحسست أنني نجوت: يمكن جعل باب غرفة المعيشة مخفيا تماما، من خلال نظام بارع يحول مقبض الباب إلى زخرفة بسيطة.

أتوارى متخفيا بين الأغصان العالية للعشب، وعندما أتأكد أنني قد ابتعدت بما فيه الكفاية ، أنظر إلى الخلف. المنزل الصغير في "جينكوري" ليس أكثر من كتلة من الإسمنت الرمادي تبدو مسامير معدنية بارزة من سطحه.

***

من خلال النافذة، أستطيع أن أرى السحب تتجمع في السماء فوق منطقة "باستوس ". طائر ذو منقار أحمر طويل جدًا بالنسبة لجسمه الصغير للغاية ، يصطدم بالنافذة. يطلق صرخة ثم يختفي. التفت إلى "ندومبي"، الذي اتصلت به قبل بضع دقائق. "أين كنت؟"

يحدق في "ندومبي". قبل الإجابة ، يريد أن يعرف ما إذا كنت حقا قد استيقظت على الطرف الأيمن من السرير. بالطبع ، سوف يكذب ، لكنه يريد أن يختار الكذبة المناسبة. تلك هي مهارته. كان دائما يذهب إلى العمل مرة بعد مرة،  تقريبًا في الضحى. وسرعان ما سيبدأ في فقدان أيام كاملة. يبدأ في التبريرات ، لكنني أطلب منه  أن يصمت فقط. عندما عاد إلى مكتبه ، ألوم نفسي لأنني تركت مزاجي السيئ يطغى علي. عندما يتعلق الأمر بالأشياء اليومية الصغيرة ، يمكن أن تتغير حالتي الذهنية بسرعة إلى حد ما. لم أكن رحيما عندما أستجوب المعتقلين. فذلك انتهى بدون شك. لكن في الحياة الطبيعية ، أكره إذلال الناس. ما فعلته للتو مع ندومبي ليس جيدًا. يجب أن أقول أيضًا إنني والمفتش ندومبي والآخرين نشكل فريقًا حقيقيًا.

في مجال عملنا ، لا نحب الرؤساء الذين يلعبون دور الرئيس. لقد سمحنا لهم بالاستمرار ولديهم القليل ليتحملوه  من أجل ذلك. أعود لمحادثته. "تعال ، ندومبي ، أقول لك اجلس".

انا اقول. من الواضح أن صوتي كانت نبرته منخفضة، لكن يبدو أنه ليس له التأثير الذي كنت أرغب فيه. يجلس "ندومبي" على الكرسي مواجهًا لي ، متجهمًا ، وتعبيره كئيب. يقول: "هناك تطور جديد".

"ندومبي" هو ما نسميه عنصر النخبة. كنت قد وضعته في قضية نيكيما منذ البداية. "اسمع ، ندومبي ، أريد أن أخبرك بشيء واحد أولاً: أنت أفضل رجل هنا ، لكنك بدأت في إطعامي كلاما فارغا."

(...)

***

أثناء حديث "ندومبي" ، خطر في بالي جثة "نزو نيكيما" مرة أخرى في منزل صغير في "جينكوري". يذهلني ثقة "ندومبي" بنفسه. هل  يعقل أن لديه شك بمعرفتي بمكان "نيكيما"؟ فجأة ، شعرت بشعور غريب. أسأل نفسي ، هل يمكن أن يكون قد تم تكليف ندومبي" بإبقائي تحت المراقبة.

تعريف بالمؤلف:

·       بوبكر بوريس ديوب، كاتب ومفكر وروائي (سنغالي) من مواليد 1946 (داكار) حصل على أهم الجوائز على انتاجه الروائي؛ على مستوى السنغال، وعلى مستوى الأدب الأفريقي، وأخيرا فاز هذا العام بجائزة (نيوستاد العالمية للأدب). أشهر أعماله، رواية (مورابي – كتاب العظام) التي تتناول الإبادة الجماعية في (رواندا).

مصدر الترجمة:

·       ديوب، بوبكر بوريس"، كافينا (الأصوات الأفريقية الشاملة)، مطبعة جامعة انديانا، ٢٠١٦.

 ملاحظة: نشرت هذه الترجمة في (المجلة الثقافية الجزايئيرية في شهر اغسطس 2022. لكن ارشيف المجلة تعرض للقررصنة وتم إتلافه كاملا مما جعل المجلة تتوقف فترة طويلة، وحينما عادت للصدور  تمت إعادة بعض المواد التي كانت موجودة في بريد المجلة ولم تكن هذه الترجمة من المواد تم اعادة نشرها للأسف. لهذا نعيد نشرها هنا.

 

 


تعليقات

المشاركات الشائعة