من ذكريات (صبري الحيقي) ، عن الفنان اليمني المبدع : حيدر غالب

حيدر غالب حسن السروري، من مواليد قرية عكابة، ناحية القبيطة (بالتقسيم السابق) ناحية حيفان (بالتقسيم الحالي) محافظة تعز(1958).    درس في مدرسة الطيار، في القرية، وأول ما عرفناه رساما كانت لوحته للمدرسة التي أدهشت كل من رأها بدقتها الواقعية وجمالها، ثم تتالت أعماله بتشكيلات طينية دقيقة لوجوه من القرية ابتدأها بوجه لجده ولوالده ولشخصيات أخرى، أيضا أدهشت كل من رأها بدقة محاكاتها للوجه الحقيقي. ثم انتقل الى صنعاء، ودرس الثانوية الفنية في المدرسة الفنية (الصينية) في صنعاء. وتخرج منها في سنة 1978 تقريبا، وفي صنعاء استمر في ممارسة هوايته في الرسم وشارك في المعارض التي كانت تقيمها وزارة الاعلام والثقافة حينها، وفي المعرض الذي شارك فيه في (دار الكتب) سنة 1980 شارك بلوحة شجرة البن ولوحة فلاحة تهامية، وأدهشت لوحته شجرة البن كل من شاهدها، وخاصة رئيس الوزراء، وكان حينها "د.عبد الكريم الارياني، الذي بادر بمحاولة شراء اللوحة، ولكن الفنان  "حيدر غالب" أعتذر عن بيعها ووافق على بيع لوحة (فلاحة تهامية) بما يعادل ألف دولار(5000ريال)، وأوصى الأستاذ "يحى حسين العرشي" وزير الإعلام والثقافة، (الذي نحمل له كل الود والتقدير ونسأل الله أن يحفظه)، أن يبعثه في منحة لدراسة الفن التشكيلي في إيطاليا وهو ما تم في السنة التالية وسافر إلى إيطاليا، ولكنه كان مصابا بمرض تكسر الدم، وهو ما كان يعالجه أطباء اليمن بتشخيص خاطيء على انه (ملاريا) وكانت حالته قد استعصت فلم يستطع الأطباء في إيطاليا إنقاذ حياته، فوافاه الأجل هناك سنة 1983،  نسأل الله أن يرحمه ويغفرله ويسكنه فسيح جناته.


   من المعارض التي شارك فيها، معرض في جامعة صنعاء (1977) بنحت لنصف امرأه، كما شارك في المعرض التشكيلي الذي إقيم ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي اليمني في السعودية.  وكذلك شارك في معرض تشكيلي أقيم في دولة الكويت سنة1981.


  كنت الوحيد الذي كتب عنه في اليمن من خلال قراءة للوحة (شجرة البن)  في صحيفة الثورة الرسمية. وأجريت معه حوارا مكثفا في نفس الصحيفة. وكنت حينها محررا لصفحتها الفنية. مع العلم أنه حينما شارك  في الأسبوع الثقافي اليمني في السعودية  كتب عنه في مجلة الفيصل السعودية مرتين، مرة في سياق المعرض التشكيلي اليمني ، ومرة مقال مستقل تحت عنوان لوحة وفنان


الجدير بالذكر أنني طلبت منه شعار للصفحة الفنية. وقد نفذه بتصميم مدهش؛ وقد سلمته حينها للأخ محمد المساح، لكي يسلمه للصحيفة لكن للأسف فقد أضاعه المساح، ولم يكن لدى حيدر نسخة منه.


 وقد أحييتُ ذكره بعد موته في مجلة (اليمن الجديد) حينما كنت مسؤلا عن تحريرها (1987)، ونشرتُ لوحة (الأرض والإنسان) غلافا أماميا للمجلة، ونبذة موجزة عنه في الغلاف الداخلي للمجلة. كما نشرت نبذة عنه وقراءة للوحة (شجرة البن) في مجلة (فنون) حينما كنت نائبا لمدير التحرير فيها سنة1992 تقريبا.

مع العلم أنه حين شارك الفنان حيدر غالب في المعرض الذي أقيم في دار الكتب، كنت مديرا للمعرض وحاضرا أثناء الافتتاح،الذي افتتحه رئيس الوزراء، حيث كنت موظفا في الوزارة منذ أن أنهيت الدراسة الإعداية وكانت علاقتي بحيدر منذ أن كنا معا في مدرسة الطيار، وكنا نلتقي صباحا في الوزارة، وأزوره مساءا بشكل مستمر في مرسمه المتواضع، حيث كان يقيم في بيت أخته في صنعاء.


   ملاحظة مهمة: صور لوحاته كلها التي أحتفظ بها هي من تصويره هو، وقد طلبتها منه قبل أن أسافر للدراسة في الكويت، وقبل أن يسافر هو إلى إيطاليا، وقد حصلتُ عليها منه شخصيا قبل موته بعام واحد.

ملاحظة أخرى: كان الفنان حيدر غالب يرسم لوحاته بطريقة دقيقة قد تستمر عدة أشهر، فقد كان يبدأ بالخلفية طبعا بالألوان الزيتية، ثم يتركها حتى تجف تماما ثم يرسم كل طبقة على حده ويتركها حتى تجف، وهكذا حتى ينتهي. مَن مِن الفنانين يفعل ذلك؟ لا أعرف أحدا يفعل ذلك، مع تقديري واحترامي الكبير للصديق العزيز والزميل الفنان الكبير"طلال النجار" وهو أهم فنان يمني الآن.



تعليقات

المشاركات الشائعة